سورة الفرقان - تفسير تفسير التستري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفرقان)


        


{تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (1)}
قوله تعالى: {تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ} [1] قال سهل: يعني جلّ وعلا من خصّ محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم بإنزال الفرقان عليه ليفرق بين الحق والباطل، والولي والعدو، والقريب والبعيد، {عَلى عَبْدِهِ} [1] أي على عبده الأخلص ونبيه الأخصّ وحبيبه الأدنى وصفيه الأولى، {لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً} [1] أي يكون للخلق سراجا ونورا نهدي به إلى أحكام القرآن، ويستدلون به على طريق الحق ومنهاج الصدق.


{وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً (20)}
قوله: {وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً} [20] قال: إن اللّه تعالى أمر بالصبر على ما جعل للإنسان فيه فتنة، ومن ذلك قلة الإطراق إلى ما في أيدي الناس.
وقد روى أبو أيوب عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه أتاه رجل فقال: «إذا قمت إلى صلاتك فصلّ صلاة مودع ولا تكلمن بكلام تعتذر منه غدا، واجمع اليأس مما في أيدي الناس»، وقد كان السلف يغتنمون ذلك حتى حكي عن حذيفة أنه قال: إن أقرّ أيامي لعيني ليوم أرجع إلى أهلي، فيشكون إلي الحاجة، وذلك أني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إن اللّه ليحمي عبده المؤمن من الدنيا كما يحمي المريض أهله الطعام والشراب، وإن اللّه ليتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الوالد ولده بالخير».


{يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (28)}
قوله تعالى: {لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا} [28] قال: أصح الخلة ما لا يورث الندامة، وليس ذلك إلا الأنس باللّه تعالى، والعزلة عن الخلق. وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يلازم الخلوة لما فتح اللّه في قلبه من العلم، فكان يحب التفكر فيه. وما من رجل حسنت صلاته إلا واستأنس به كل شيء. والرجل يكون نائما، فيحركه من نومه أوقات الصلاة فينتبه، وهذا من إخوانه من الجن قد استأنس به، وربما يسافرون معه إذا سافر، ويؤثرونه على أنفسهم، وربما استأنس به الملائكة.
وقد سأل رجل سهلا فقال: إني أريد أن أصحبك. فقال: إذا مات أحدنا فمن يصحب الباقي فليصحبه الآن. وكان الربيع بن خثيم جالسا على باب داره يوما، فجاء حجر فصكّ جبهته فشجه، وقال: لقد وعظت يا ابن خيثم، فدخل منزله وأغلق الباب على نفسه، فما رؤي جالسا مجلسه ذلك حتى مات.

1 | 2 | 3